Tuesday, January 13, 2015

المشاعـر

ان العلم الحديث اثبت ان المشاعر تدخل فى التفكير ، والحقيقه ان المشاعر تدخل ايضا فى الايمان ، وفى كل جوانب الحياه ، وقد ركز الرسول الكريم (ص) على المشاعر تركيزا كبيرا وبالذات الحب والموالاه والخصام والاحسانوالتحكم فى الغضب وكظم الغيظ
الحب
يقول الله تعالى " قل ان كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم " ، وتوضح هذه الآيه ان الحب هو الدافع لاتباع اوامر الله واجتناب نواهيه ، واتباع رسول (ص) فى كل مايأتى به ، والايمان لايكتمل الا بحب الله ورسوله ، ويقول رسولنا الكريم " لايؤمن احدكم حتى اكون احب اليه من ماله وولده ومن الناس اجمعين " ، وقد تعجب عمر رضى الله عنه كيف يمكن ان يحب الانسان الرسول (ص) اكثر من نفسه ، اذا قال للرسول (ص) انه يجبه اكثر من والده وولده ، ولكنه لم يستطع ان يقول انه يحبه اكثر من نفسه التى بين جنبيه ، ولكنه لما تفكر ان كل الخير الذى وصل اليه عندما دخل الاسلام بسبب الرسول (ص) احس انه يحبه اكثر من نفسه التى بين جنبيه ، فلما اخبره ذلك قال له الرسول الكريم " الآن ياعمر " اى الآن اكتمل ايمانك ياعمر
ولذلك عندما نتأمل آيه سوره التوبه " قل ان كان آباؤكم وابناؤكم وعشيرتكم واموال اقترفتموها ، وتجاره تخشون كسادها ، ومساكن ترضونها احب اليكم من الله ورسوله وجهاد فى سبيله فتربصوا حتى يأتى الله بأمره ، والله لايحب القوم الفاسقين عندما نتأمل هذه الآيه نجد ان الله سرد فيها كل مايحبه الانسان حبا جما من انواع المال والولد : حب الابناء والاهل والعشيره ، وحب الاموال والتجاره ، وحب المساكن والضياع ، ثم قرر حقيقه إن كان هؤلاء أحب الى المرء من الله وجهاد فى بيله فالانسان لن يكون قد اكتمل جوانب الايمان وعليه ان يتربص حتى يأتى الله بأمره ، وقد استخدم الله فى وصفه لفظا شديدا وهو الفسوق وعندما نتأمل فى هذه الآيه نعجب من كله إقترفتموها ، فالانسان يقترف جريمه ، اى ان لفظ يقترف توحى بان هذا المال وليس من طريق حلال ، وكذلك لفظ تخشون كسادها فى حاله التجاره ، فالمرء يخشى حتى من قول كلمه الحق اذا كان تاجرا ً ، لان اى غضب من الحاكم عليه سيجعله يفقد تجارته وتكسد ، ويقول الرسول (ص) فى معنى الحديث ان الولد مجبنة مبخلة ، ان ان الشاب قبل الزواج يسير فى المظاهرات ويحمل اللافتات ويتحدى الظالمين ، اما بعد الزواج والانجاب فيحس انه مسئول عن زوجه وابناء فيخشى الاعتقال لو سار فى مظاهره ، ويبخل بماله ، لانه كما يقول الغوغاء ’ اللى يحتاجه البيت يحرم على الجامع ‘
الحب فى الله والبغض فى الله
ويتفرع من هذا الحب : الحب فى الله والبغض فى الله ، كما يقول الله تعالى " لاتجد قوما يؤمنون بالله ورسوله يوادّون من حادّ الله ورسوله ولوكانوا آبائهم او ابنائهم او اخواتهم او عشيرتهم اولئك كتب فى قلوبهم الايمان وايدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجرى من تحتها الانهار خالدين فيها رضى الله عنهم ورضوا عنه اولئك حزب الله ، الا ان حزب الله هم المفلحون ّ ، وهنا ايضا يربط القرآن الحب فى الله او الموده بالايمان ، فلايكون الحب والموده الا لمن يوالى الله ورسوله ، امامن حاد الله ورسوله فلاموالاه معه ولو كان من الاباء والابناء او الاخوه او العشيره او حتى الزوجه ، كما قال الله تعالى فى حق زوجتى نوح ولوطا كانتا تحت عبدين من عباده صالحين فخانتاهما فلم يغيا عنهما من الله شيئا عليهما السلام
ومن حسن التعامل بين الناس – وهو مايسمونه الآن الذكاء الاجتماعى – أنك إذا احببت احدا ًفى الله ان تقول له يافلان إنى احبك فى الله ، فيرد عليك ويقول احبك الله الذى احببتنى فيه ، وقد سأل الرسول الكريم (ص) احد صحابته " استحب فلانا ؟ قال : نعم ، قال وهل اخبرته ؟ قال :  لا ، قال فاذهب واخبره .
واحيانا تكون المشاعر السلبيه مخذّيه فى القلب ، وهى حاله المنافقين ، فيقول الله تعالى " ومن الناس من يعجبك قوله فى الحياه الدنيا ويشهد الله على مافى قلبه وهو الد الخصام ، واذا تولى سعى فى الارض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل ، والله لايحب الفسادّ ، فلايكفى ان يعجب الانسان بقول من يقول ، ولكن لابد ان يوافق عمله قوله ، ولابد ان تجده ملتزما بالصلاه لانها اثقل شىء على المنافقين ، ولو اطلع الله الناس على مافى قلبه لوجدوه الد الخصام
وقد نهانا الله سبحانه وتعالى ان نتولى من قاتلونا فى الدين اواخرجوا اخواتنا الفلسطينين من ديارهم ، فقال عز وجل " إنما ينهاهكم الله عن الذين قاتلوكم فى الدين واخروجوكم من دياركم وظاهروا على اخراجكم ان تولوهم ومن يتولهم منكم فآولئك هم الظالمون "
والحقيقه ان الكفار والمنافقين بعضهم اولياء بعض ، وهم عصبه ووحده ضد اهل الايمان ، يقول تعالى " والذين كفروا بعضهم اولياء بعض ، الاتفعلوه تكن فتنة فى الارض وفساد كبير " ، فما هو الذى ان لم نفعله تكن فتنة فى الارض وفساد كبير ؟ ان يكون المؤمنون كذلك بعضهم اولياء بعض ، حتى يعينوا بعضهم البعض على اقامة الدين والتصدى لمؤمرات الفاسدين
الاحسـان
والاحسان هو الاتقان وهو ايضا من المشاعر الجميله التى تجعل الانسان يعطف على الفقير والمريض ويحس اليهم ، واعلى درجات الاحسان هو الاحسان الى الوالدين ، حتى ان جاهداك على ان تشرك بالله ماليس لك به علم ، فلاتطعهما وصاحبهما فى الدنيا معروفا
ويقول الرسول الكريم (ص) " ان الله كتب الاحسان على كل شىء فإذا قتلتم فأحسنوا القتله ، واذا ذبحتم فأحسنوا الذبحه ، وليحد احدكم شفرته وليرح ذبيحته ، فالاحسان مطلوب حتى عند التعامل مع الحيوان الاعجمى ، وحتى اثناء ذبحه للانتفاع بلحمه ، لابد من الاحسان ، فلا يذبح حيوان امام آخر ، وليحد الجزار سكينه ويرح ذبيحته
كظم الغيظ
من الجوانب التى اكتشفت حديثا فى الانسان هى مايسمى بالذكاء الوجدانى وهو عدة مهارات ، منها اداره الذات ، حيث يدرك الانسان مشاعره لحظه تولدها لكى يكون قادرا على التحكم فيها ، وم اهم المشاعر التى يجب ان يتحكم فيها الانسان هى الغضب وذلك بكظم الغيظ ، يقول تعالى " وسارعوا الى مغفره من ربكم وجنات عرضها السموات والارض اعدت للمتقين ، الذين ينفقون فى السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس ، والله يحب المحسنين " وهناك قصه مشهوره عن احد احقاد الرسول (ص) عندما كانت جاريته تصب على يديه الماء للوضوء واخطأت خطئا كبيرا جعله يغضب بشده ، فقالت له والكاظمين الغيظ ، فقال : كظمت غيظى ، فقالت والعافين عن الناس ، قال : عفوت عنك ، قالت : والله يحب المحسنين ، فقال : اذهبى فانت حره لوجه الله
والرسول (ص) يوصى المسلم بوصايا جميله تساعده على اداره الذات ، فيوصى المرء اولا الايغضب ، كيف ؟ بن يختار الا يغضب ، كيف ؟ إن بين المؤثر والاستجابه مسافه ، فإذا قال أحدهم او فعل شيئا اغضبه فليستغل هذه المسافه حتى يتحكم فى غضبه ، وقد سهّل الرسول (ص) على الغاضب مسأله التحكم فى ذاته وذلك بأن أوصاه أن يذهب ليتوضأ قبل ان يبادر برد الفعل ، وذلك لان الغضب من الشيطان ، والشيطان خلق من نار ، والماء يطفأ النار ، وفى الوقت المطلوب للوضوء يكون الانسان قد فكر جيدا فى رد فعله ، لانه من التفكير الجيد التفكير فى ما سيترتب على اى قول او فعل قبل قوله او فعله ، والحكماء قالوا " أن الكلمه اذا لم تنطقها ملكتها ، ولكن اذا نطقت بها فقد ملكتك " ، والرسول يحذر من الكلمه فيقول " ان احدكم ليتكلم بالكلمه – لايلقى لها بالا – تهوى به فى النار سبعين خريفا "
فلابد ان يتحكم الانسان فى مشاعره ويجيد اداره عواطفه ، وذلك يأتى بالتدريب الطويل ، كما قال الرسول الكريم (ص) " انما الحلم بالتحلم وانما العلم بالتعلم " ، وحسن اداره العواطف هى احد اهم مهارات النجاح فى الحياه
فليتنا ندرك مشاعرنا ( ادراك الذات ) ثم نحاول التحكم فيها ( اداره الذات ) كما ان من مهارات الذكاء الوجدانى ايضا القدرة على ( تحفيز الذات ) ، وهل هناك حافز اعلى من ان يحبنا الله ورسوله ، إذا ا ً فلنتبع الرسول الكريم (ص) حتى يحبنا الله ورسوله ، وان نقول لمن نحبه فى الله من اصدقائنا ذلك ، وان نقول لزوجاتنا احبك اثنى عشره مره فى اليوم والليله ، لان من اهم القربان ادخال السرور على مسلم ( أومسلمه ) ، وان نحاول الانحب الا من يحب الله ودينه ، وان نحاول الاحسان ( الاتقان والرحمه ) فى كل شىء ، واهم جانب فى الجوانب الوجدانيه هو القدره على التحكم فى الغضب ، وكما قال سقراط ’الحكمه ان يغضب من الشخص المناسب فى الوقت المناسب بالقدره المناسب لغرض مناسب ‘ .


الاستقطاب المجتمعى الحاد .. وكيف يسترد المجتمع عافيته ؟

اولا : تعريف الاستقطاب
فى علم الكهرباء يقولون لنا ان هناك قطبين : موجب وسالب ، احدهما عكس الآخر او نقيضه ، وفى المجتمع قد نجد مجموعه ممن يسمون الاسلاميين او اصحاب الاتجاه الاسلامى ، وهم من يريدون ان يطبقوا شرع الله ، ويسوموا الدنيا بالدين وهناك مجموعه اخرى ممن يسمون الليبراليين او العلمانيين او اصحاب اتجاه فصل الدين عن السياسه ، ويعتبرون ان الدين علاقه بين المرء وربه ، ولكن لايوافقون على دخول الدين فى السياسه وفى الاعلام وفى الاقتصاد
اصحاب الاتجاه الاول يقولون ان الاسلام نظام شامل ينتظم شئون الحياه جميعا ، وقد كان الرسول الكريم (ص) نبيا مرسلا وفى نفس الوقت اقام دوله الاسلام فى المدينه المنوره وهى التى اتسعت فى عهد الخلفاء الراشين ومن بعدهم الدوله الاميه والدوله العباسيه لتشمل نصف الكون ، فهل كلن حكام المسلمين يحكمون الناس بالاسلام ام لا ؟ ، اصحاب الاتجاه الثانى يقولون ان الدنيا اختلفت كثيرا عن هذه الايام ، واصبح العالم قريه صغيره ، ويضربون مثلا بالاقتصاد حيث لابد ان تتعامل البنوك فى دول العالم الاسلامى مع باقى البنوك فى العالم ، الذى بُنى اقتصاده على الفائده ، وهناك آراء ان فوائده البنوك ليست ربا
ولكن المشكله زادت مع انتخاب رئيس من اصحاب الاتجاه الاسلامى ، ومن اكبر جماعات الحركه الاسلاميه ، فنشط اعلام الاتجاه الثانى لتخويف الناس من تطبيق الاسلام ، والتضييق على الحريات ، وبالذات حريه التعبير ، ثم بعد الانقلاب على هذا الرئيس المنتخب اصبحت شيطنه الاتجاه الاول هى الشغل الشاغل للاعلام ، واصدر القضاء احكاما جائره ، فزاد عدد الناس الذين يخافون من تطبيق الاسلام ، وفى نفس الوقت زاد اصرار اصحاب الاتجاه الاسلامى على تطبيقه ، ومن ثم حدث الاستقطاب الحاد فى المجتمع
ثانيا : مظاهره فى المجتمع
فى المجال العام ينتهز وزير الثقافه كل مناسبه للهجوم على الازهر بدعوى ان الازهر الشريف يقيد حريه الابداع ، مع ان الحريه مقيده ، مقيده باعراف المجتمع ودينه وقيمه ، وفى المجال الشخصى تجد المناقشات فى كل بيت عن كيفيه تطبيق الاسلام ، وهل تمنع الدوله محطات التلفزيون التى كلها رقص وغناء ، وهل تسمح بعرض افلام ’ كحلاوه روح ‘ ام نمنعه حايه للنشء ، واهميه الحريه الشخصيه واين هى حدودها ، لان حريتك لايجب ان تعنى ان افقد انا بعضا من حريتى ، ولان الله ذم من يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض ، والمناقشات فى اماكن العمل وعلى المقاهى وفى النوادى كلها مظاهر لهذا الاستقطاب
ثالثا : من المسئول عن هذا الاستقطاب
لاشك ان الاعلام مسئول اساسا عن وصول المجتمع الى هذه الدرجه من الاستقطاب والله سبحانه وتعالى نهى عن عدم العدل عند كراهيه الآخر ، فقال تعالى " ولايجرمنكم شنآن قوم على أن لاتعدلوا ، اعدلوا هو اقرب للتقوى .. " ( المائده :     ) ، ولكن الطرف الثانى لم يألوا جهدا فى شيطنه الطرف الاول ، لانه احس انه يكسب كل الاستفتاءات والانتخابات ، وكانت الطامه الكبرى – بالنسبه لهم – ان احد اصحاب الاتجاه الاسلامى اصبح رئيسا لمصر .
ولكن فى المقابل نجد ان بعض التصرفات والاقوال غير المسئوله ساعدت على تخويف الناس من بعض اصحاب الاتجاه الاسلامى وتشددهم ، واصبح الكلام عن حرمه الموسيقى ، وعدم جواز الاختلاط فى المدارس والجامعات ، وضرره اشراف الدوله اشرافا كاملا على الاعلام لمنع نشر الفاحشه ، بل وزاد الامر بحيث اصبح الكلام على ان النقاب فريضه على النساء ، والكلام عن فرض الجزيه على غير المسلمين ( الاقباط ) ، ولاشك ان هذا الكلام غير المسئول زاد فى الاستقطاب
رابعا : مقترحات للخروج منهذه الحاله كى يستعيد المجتمع عافيته
يقول الله تعالى : " يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعاونوا ، ان اكرمكم عند الله اتقاكم ، ان الله عليم خبير " ( الحجرات : 13 ) ، فإذا كان هذا هو الغرض من خلق الناس فما بال ابناء الوطن الواحد لايطبق بعضهم البعض ، ولايستطيه الكلام معه بِله التفاهم والتعاون معه ، ووصل امر التباعد بين الطرفين فى الصراع الدائر حاليا ان الطرف الذى استولى على السلطه اعتقل ممثل الطرف الاول الذى كان مكلفا بالتفاهم والتفاوض مع الطرف الثانى ، وبذلك اغلق الطرف الثانى باب المحل السياسى ، والمعضله المصريه الحاليه ليس لها حل إلا حلا ً سياسيا ، فكيف الخروج من المعضله الحاليه ؟
ان الاجابه على هذا السؤال هى مفتاح خروج مصر من النفق لاالمظلم الذى دخلت فيه ، ولابد من الوصول الى هذه الاجابه بسرعه ، لان حاله عدم الاستقرار الحاليه تعنى استمرار ضعف الانتاج وزيادة الديون وتراكم الفاقه ، مما ينذر بأوخم العواقب ، وانا ازعم ان المؤتمر الاقتصادى الذى سيعقد فى مارس المقبل لن يكون له تأثير كبير على الاستثمار فى مصر لسببين اساسيين :
الاول : والاهم هو مناخ عدم الاستقرار الحالى ، وهو مناخ لايشجع المستثمر ان يأتى بأمواله واستثماراته الى بلدنا
الثانى : هو تخفيض اسعار البترول الى 60% من قيمتها من فتره ليست بعيده ، مما سيؤثر كثيرا على قدره السعوديه والخليج على الاستثمار ، وذلك متزامن مع بدء مرحله من الكساد الاقتصادى العالمى ، مماثله للكساد سنه 2008 ، ولذلك ستقل التجاره العالميه ، وقد بادرت هيئه قناه السويس بتخفيض رسوم المرور فى القناه نتيجه انخفاض اسعار البترول ، وغالبا ستقل عدد السفن عام 2015 عن عام 2014 حتى بعد هذا التخفيض فكيف سيزيد ايراد القناه من 3,5 مليار دولار الى 13 مليار كما يقول مميش ، اتمنى ان يتوقف الحكام عن خداع الناس ، ان الاربعه وستون مليار من الجنيهات التى صرفت وستصرف على عمل تفريعه لقناه السويس لن تؤدى لزياده دخل القناه ، وانما اعتقد ان العكس هو الذى سيحدث ، عموما ستثبت الايام انه كان الاولى صرف هذه المليارات الستين على مشروعات اكثر جدوى ، ولاحول ولاقوه الا بالله
1.      امانه الكلمه
نهى الله سبحانه وتعالى المؤمنين ان يخسر بعضهم من بعض اويلمز بعضهم بعضا او ان يمشون بالنميمه او الغيبه ، فقال تعالى " يا ايها الذين أمنوا لايسخر قوم من قوم عسى ان يكونوا خيرا منهم ، ولانساء من نساء عسى يكن خيرا منهن ، ولاتلمزوا انفسكم ، ولاتنابزوا بالالقاب ، بئس الاسم الفسوق بعد الايمان ، ومن لم يتب فاؤلئك هم الظالمون * يا ايها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن ان بعض الظن إثم ، ولا تجسسوا ولايغتب بعضكم بعض ، أيحب أحدكم ان يأكل لحم اخيه ميتا فكرهتموه ، واتقوا الله ان الله تواب رحيم " ( الحجرات : 11،12 )
والسؤال هنا هو لماذا نهى الله عن كل ذلك ؟ لان هذا هو الذى يجعل البغضاء تتفشى بين الناس ، ولذلك فالكلمه امانه ، اما ان يتنافس المسئولون والاعلاميون فى شيطنه اصحاب الاتجاه الاول الذى حدث الانقلاب على رئيسهم ، ويلصقون بهم كل نقيصه ، دون ان يكون لديهم اى وسيله للرد ، او اى منبر اعلامى لتوضيح موقفهم فليس من الشهامة فى شىء ، وقد وصف شاعرنا العظيم احمد شوقى فى مسرحيته الرائعه مصرع كليو باترا فى بيت من الشعر :
 ... وانطلق الزور عليه  باله من ببغاء عقله فى اذنيه
والحقيقه ان الشعب – او اغلبه – تلفت هذا الكلام غير المسئول وظل يردده دون تفكير ، حتى كره الجار جاره والصديق صديقه ، وصارت مشاحنات ومشاجرات داخل العائلات ، واذا سألت احدهم اتصدق ذلك على جارك الذى اعتقلوه ، وقد عاشرته سنين طويله فلم تجد منه الاحسن الجوار وطيب الاخلاق ، والاحسان الذى امر به رسول الله ، إذ يقول (ص) : مازال جبريل يوصينى بالجار حتى ظننت انه سيورّثه " وقد حث على حسن الجوار الرسول الكريم (ص) فى العديد من الاحاديث ، ومنها : " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ... من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره " ، فإذا قلت له أتُصدق ذلك على جارك وقد عاشرته سنين طويله يقول لك : نعم ولم لا ؟ ، وعندما تجد فى المعتقلات اساتذه جامعات فى الخامسه والستين متهمون بترويج المواطنين والعنف والتدمير ، وتسأل زملائهم لقد عاش بينكم مدرسا ً فأستاذا ً لمده ثلث قرن ، فلم تروا منه الاكل خير وكل حب لزملائه وتلاميذه وبلده ، حتى انه لم يطلب من قسمه الموافقه على ان ينتدب خارج مصر للتدريس فى دول النفط يوما واحدا طوال هذه المده ، فكيف ينقلب الى شخص يروّع المواطنين ويدعو الى العنف والتدمير ، لاتجد لديهم ولا لدى الامن الوطنى دليلا واحدا ً اوشبه دليل
وامانه الكلمه تقتضى التثبت والتبين قبل ان نرمى الناس بكل نقيصه ، اذ يقول الله تعالى " يا ايها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ان تصيبوا قوما بجهاله فتصبحوا على مافعلتم نادمين " ( الحجرات : 6 ) ، ولكن اللدد والفجر فى الخصومه ، وهى التى نهى رسولنا الكريم (ص) عنها ، وجعلها من صفات المنافقين ، اذ قال (ص) " اربع من كن فيه كان منافقا خالصا ، ومن كانت فيه خصله منهن كان فيه خصله من النفاق حتى يدعها ، اذا إؤتمن خان ، واذا حدّث كذب واذا عاهد غدر واذا خاصم فجر "
2.      سوء الظن
كلا الطرفان الاساسيان فى الصراع وصلا الآن الى حاله سوء ظن كامله بالطرف الآخر ، فالطرف الاول (الاسلامى) تجد اغلبه يرفض فكرة التفاوض او التفاهم مع الطرف الثانى (العسكر) ، واذا سألته عن السبب يقول لك ومالفائده من التفاوض ؟ ، ماهو الضمان الذى يضمن ان اى اتفاق سنصل اليه بالتفاوض لن ينقلبوا عليه متى شاءوا كما انقلبوا على الرئيس المنتخب ، وهذا منتهى سوء الظن ، والطرف الثانى لايثق فى الطرف الاول ، ويتصور انهم ان تمكنوا من الحكم مره ثانيه فسيعلمون فيهم قتلا وسجنا على اساس انهم قتلوا الآلف من المعتصمين السلميين ، وهم لايوافقون على انهم كانوا سلميين ، ويقولون لك اننا كنا نؤدى واجبنا نحو وطننا ، ونحميه من فئه كانت تريد الاستيلاء عليه ، رغم ان هذه الفئه لم تأت الى السلطه الا عبر صندوق الانتخاب ، ويقولون لك ان الجيش ليست مهمته فقط حرب العدو الخارجى وانما كذلك حرب الارهاب ، فإذا سألتهم ومن الذى يحدد من الارهابى ومن هو المسالم ؟ ومن هو الخائن ومن الذى يدافع عن بلده ويرجو لها الخير ؟ تجد آراءً عجيبه
فهل وزير الدفاع الذى قاد انقلابا على رئيس شرعى منتخب انتخابا نزيها بعد سنه واحده خائن ، يقولون لا ... لانه كان يعبر عن رأى وينفذ مشيئه الناس ، فهل الهجوم على نصف مليون معتصم فى رابعه بالطائرات والدبابات والمدرعات ، وقتل مايزيد على اربعه الاف واصابه مثليهم فى يوم واحد – وذلك رغم وجود اثنى عشره بندقيه فقط حسب تصريح وزير الداخليه الحالى – إفراط فى استخدام القوه يجب محاكمة منفذوه والقصاص منهم ؟ يقولون لا ... بل هم ابطال انقذوا الوطن من فئه كانت تريد اختطافه ، فإذا سألت : وهل الحكم على الضابط اسامه الذى كان مسئولا عن عربه عادل ؟ وهل تم التآثير على القاضى كما اثبتت التسريبات الاخيره ؟ يقولون نعم .. انه عنوان الحقيقه ، ولايجب ان تتحدث بسوء عن قضاء مصر الشامخ !!
3.      تثمين الاختلاف
يقول معظم العاقلون اننا اصبحنا شعبا لايعرف كيف يختلف احدنا مع الآخر دون ان يخّونه او يكفّره او يحمل فى وجهه السلاح ، يجب ان نتعلم كيف نختلف ، والحقيقه ان المطلوب اكثر من تعلم كيف نختلف ، المطلوب ان نثمّن هذا الاختلاف ، فالانسان العاقل يسعى لمن هو مختلف معه فى الرآى علّه يجد لديه دليل ليس لديه ، اولعل فى رأيه نقاط يحسّن بها اقتراحه او رآيه ، أو لعله لديه خبره ليست متوفره له .
فأنت تحتاج الى مخالفيك فى الرأى ، وقد علمتنا السيره كيف ان الاستماع الى الرأى الآخر لم يكن فقط ديدن الرسول الكريم (ص) وصحابته الاجلاء رضى الله عنهم ، ولكنه ايضا أدى الى افضل النتائج ، فالرسول الكريم (ص) – الذى يوحى اليه – عندما امر جيش المسلمين ان يقيموا المعسكر فى مكان معين قبل موقعه بدر ، أتى اليه احد الصحابه وسأله إن كان هذا المكان امر من الله سبحانه وتعالى ام هل الرأى والحرب والمكيده ، فلما قال له الرسول (ص) انها الثانيه قال مباشره وبشجاعه : فهذا ليس بمنزل ، فلم يغضب الرسول (ص) ، وسأله عن مايقترحه ، فأجابه الصحابى انه يقترح ان ينزلوا عند ماء بدر فيشربون ولايشرب عدوهم ، فاستحسن الرسول (ص) رأيه وغيّر مكان المعسكر دون مكابرة ولا انتصار للرأى ، وعندما طلب عمر بن الخطاب من الناس ان يغالوا فى المهور ، واوشك ان يصدر أمرا ً بذلك قامت امرأه وقرأت قول الله تعالى " وإن اردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا ً فلاتأخذوا منه شيئا ، أتاخذونه بهتانا وانما مبينا " ، هنا قال عمر : اصابت امرأه واخطأ عمر ، والامثله فى السيره لسماح الرأى المخالف كثيره
ولابد ان نعلم اولادنل ادب الاختلاف ونحاول الالتزام به ، ونتعلم ان الاختلاف فى الرأى لايفسد للود قضيه ، وان الهدف هو الوصول للصواب ، ولس الهدف هو الانتصار للرأى ، وذلك كما قال الامام الشافعى رحمه الله " رأيى صواب يحتمل الخطأ ورأى غيرى خطأ يحتمل الصواب " ، فإذا وجد عنده دليلا أقوى من دليله غير رأيه وغير فتواه .
4.      التعاون
لايمكن ان ينهض بلدنا المسكين من الهوة التى سقط فيها إلا بتعاون الطرفان على ان يعملا على نهوضه ، وذلك والله تعالى يأمرنا فيقول " وتعاونوا على البر والتقوى ولاتعاونوا على الاثم والعدوان ط ، ومؤسس كبرى الحركات الاسلاميه فى مصر يوصى اخوانه فيقول " نعمل فى ما اتفقنا فيه ويعذر بعضنا بعضا فى ما اختلفنا فيه " ، فلماذا لايستطيع الطرفان ان يتعاونا ؟ ، بسبب سوء الظن اولا ، ثم بسبب تعارض المصالح ثانيا ، ولكن لو أعلى الطرفان مصلحه الوطن على مصالحهما الضيقه ، ولو علما ان استمرار هذا الاستقطاب وعدم الاستقرار سيؤدى الى ثوره جياع لاتبقى ولاتذر ، ولوعلمنا انه لاسبيل لحل الازمه الحاليه الا بالتفاوض للوصل الى حل ، ثم التعاون لانجاحه لأمكن الخروج من المأزق ، اما اذا تصلّب كل طرف فى الدفاع عن وجهه نظره ، ورأى ان رأيه هو الحق الذى لايأتيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه ... فلا حل .
5.      البديل الثالث
وهناك بديل ثالث لموقف الطرفين الاساسيين فى هذا النزاع ، وهو بديل أفضل من أى منهما ، وهذا البديل يمكن الوصول اليه اذا سأل احد الطرفين الطرف الآخر السؤال التالى " هل لديك مانع من ان نحاول الوصول الى وجهه نظر افضل مما لدى او مما لديك ؟ من غير ان تغير مبادئك او اغير أنا مبادئى ؟ وكان يعنى مايقول بصدق وكان رد الطرف الثانى : " لامانع من المحاوله ، ولكنى لن أغير مبادئى " عندئذ يكون التآزر للوصول الى البديل الثالث قد بدأ
ولكن لكى ينجح الطرفان فى التآزر ، وهو المؤدى الى الوصول للبديل الثالث ، فلابد من تغير كبير فى الاطر العقليه التى تحكم كل منهما ، واول اطار عقلى ينبغى ان يصل اليه الطرفان هو اطار انا ارى نفسى ، وهذا يعنى ان يرى كل انسان نفسه بوضوح ، اى يرى تأثير بيئته وثقافته او اسرته وجماعته على تفكيره ووجهه نظره ، لانه كما قال رسولنا الكريم : " مامن مولود الا يولد على الفطره ، فأبواه يهودانه او ينصرانه او يمسجانه " فتأثير عائلتك او قبيلتك او جماعتك عليك تأثيرها هائل ، ولن تستطيع التآزر مع الآخر الا اذا تمكنت من رؤيه تعصبك لعائلتك او لرأى جماعتك ، وإلا إذا نجحت فى الخروج من عباءة جماعتك العسكريه او الاسلاميه والنظر بموضوعيه الى الوضع الحالى ، وان تستطيع ان تفكر باستقلاليه فيما فيه مصلحتك ومصلحه بلدك
والاطار الثانى هو انا اراك بوضوح ، وهو يعنى ان كل طرف يرى ويفهم وجهه نظر الآخر بوضوح ، ودون ان تنمّطه او يصنّفه ، لدرجة انه يستطيع عرض وجهةالنظر الاخرى بطريقه ترضى صاحبها ، ولايحصل ذلك الا بالاتماع بتعاطف وقلب مفتوح للطرف الآخر ، ومعرفة كل الخلفيات التى تؤدى الى وجهه النظر الاخرى ، ان لايسمع عنه ولكن يسمع منه ولايحكم احكاما مسبقه ، وانما يستمع للآخر الى ان يحس هذا الآخر انه اصبح مفهوما ، ثم يقيم وجهه نظره بموضوعيه ، وليس من زاويه الشخصيه الضيقه ، ويحاول ابعاد سوء الظن تماما
والاطار العقلى الثالث – وهو أهمها – هو إطار انا اسع اليك ، لانك مختلف معى او لانك مختلف عنى فالمرء اذا سعى الى احد افراد جماعته فلن يزيده الكلام معه علما ، لأن كليهما قرأ على فقى واحد ، اما السعى الى الآخر المختلف فهو الذى يثرى التفكير ويزيد المعلومات ، والناس سيظلون أبدا ً مختلفون كما قال تعالى فى سوره هود " ولوشاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ، ولايزالون مختلفين ، الا من رحم ربك ، ولذلك خلقهم ... " ، اى انه سبحانه وتعالى خلقهم ليظلوا مختلفين ، ولولا اختلاف الناس – كما يقول التجار – لبارت السلع ، ولبارات البنات الذين يطلبون نكاحا
وطالما الناس سيظلون مختلفين فالحصيف هو الذى يسعى للمختلف عنه او المختلف معه ليتعرف على مالديه من وجهه نظر او معلومات ويستفيد منه ولو تحلى الطرفان بهذه الاطر الثلاثه حقيقه سيصلون حتما الى الاطار العقلى الرابع انا اتأزر معك ، اى اتكامل معك واتكاتف معك للوصول الى البديل الثالث ، فما هو هذا البديل ؟ هو هذا الذى سينتج من التآزر والتكاتف بصدق بين الطرفين ، وغالبا سيكون هو التنميه ، اى ان يتفق الطرفان على نبذ الخلافات جانبا لمدة عشر سنوات وتكاتفان فى دفع التنميه الى الامام ، حتى يتضاعف الناتج القومى المحلى ودخول الناس اربعه اضعاف فى عشر سنوات ، وهذذه ليست احلام فقد حققتها الصين وتركيا فعلا
فهل نأمل ان يصل الطرفان الى هذا الفقه قبل فوات الاوان ؟ نأمل هذا ، ونأمل ان يتحلى الطرفان اثناء التفاوض بحكمه الرسول الكريم (ص) اثناء صلح الحديبيه ، حيث تغاضى عن امور كان يراها عمر بن الخطاب امورا ً جسيمه ليصل الى هدف الاستقرار – الذى سيخدم دعوته اساسا – لمده عشر سنوات ، ولذلك سمّى الله سبحانه وتعالى هذا الصلح – رغم مافيه من تنازلات قاسية – فتحا مبينا ، فهل نأمل ان نصل الى عشر سنوات دون انقلابات او مظاهرات فئويه او مسيرات يوميه ؟ نأمل هذا .
وليس معنى كل ماقلناه غض الطرف عن القصاص .. أبدا ً ، فكما قال الله سبحانه وتعالى " ولكم فى القصاص حياه يا أولى الالباب " ، لابد من القصاص من خلال محاكمات عادله لكل شارك فى قتل او تدمير او تخريب من الطرفين ومن غيرهما ، ولابد من دفع دية القتلى والمصابين وتعويض المعتقلين عن سنوات اعتقالهم بدون حكم محكمه ، او بحكم جائز ينفذ الاوامر ( كما آظهرت التسريبات الاخيره ) ، لابد من تعويضهم عن فقد وظائفهم وبهدله ذويهم عند زيارتهم فى اقسام الشرطه والسجون
ولابد من محاربه الفساد محاربه لاهوادة فيها فلايمكن ان تؤتى التنميه ثمارها للفقراء والطبقه الوسطى طالما وُجِد مفسدون ينهبونها اولا باول ، ولابد من تفعيل قانون من اين لك هذا ؟ كل كل موظف او ضابط ، ولابد ان يدفع حيتان رجال الاعمال ضرائب مكاسبهم كاملة غير منقوصه ، ولنا فى مافعلته الصين عظة وعبره
نسأل الله تعالى ان نستطيع الخروج من حاله الاستقطاب الحاد هذه سريعا ، والا فالبديل هو الفوضى الشامله لاقدر الله ، ونسأل الله تعالى لمصرنا كل استقرار وتقدم وازدهار ، وان يشفى الله صدور قوم مؤمنين ... آمين

الحياة داخل الزنزانة

بينما انا اكتب فى أحد كتبى التى ألفتها اثناء فتره حبسى التى زادت عن سنه ونصف دون محاكمه ، وعندما كان زملائى الخمسه الآخرون فى الزنزانه نائمون ، جعلت اتأمل حياتى داخل الزنزانه ، اتأملها دون غضب او رضى ، وانما بطريقه حياديه ، ورغم غضبى ولعناتى على من اعتقلونى من بيتى قبل آذان الفجر دون جريره، ورغم رضائى عن ربى سبحانه وتعالى ورضائى بقضائه ، فإننى احاول تأمل حياتى فى الزنزانه بطريقه حياديه ، وسأستعين فى توضيح ما اقول بالرسم لاننى مهندس
ولكن لنبدأ من البدايه ، فانا استاذ متفرغ فى كليه الهندسه بالمطريه ، وقد وصلت لسن المعاش من خمس سنين ، وقد سافرت للحصول على درجتى الماجيستير والدكتوراه آخر سنه 1974 على حسابى ، ولاتشتط بك الفكر فتعتقد اننى من اصحاب الملايين ، فلم اكن املك وقتها الا الف جنيه مصرى ، تركها والدى الذى توفى وانا ابن سبع سنين ، ولكن هذه الالف كانت توازى تمانمائه جنيه استرلينى !! ، اما كيف كفت لدراسة الماجستير والدكتوراه فى اسكتلندا فتلك حكايه اخرى ، ربما اقصّها فى مدونه قادمه ، المهم اننى عدت فى منتصف سنه 1979 بدرجه الدكتوراه فى الهندسه الانشائيه ، ومن بدايه عام 1980 عملت بالتدريس فى كليه الهندسه فى جامعه المنصوره ثم جامعه حلوان لمده اربعه وثلاثين عاما ، حتى يوم اعتقالى ( 5 سبتمبر 2013 ) ، وطوال هذه المده لم اطلب انتدابى للعمل خارج جامعتى الحكوميه يوما واحدا ، لاخارج مصر ( فى الدول النفطيه ) ولاحتى داخل مصر ( فى الجامعات الخاصه )
وليس فى هذا من ولا أذى وانما تقرير للحقيقه ، حتى يفهم القارىء طبيعة شخصيتى ، والآن نعود الى الموضوع الاساسى وهو حياتى داخل الزنزانه ، وابدأ بأن اقول ان الزنازين فى السجون المصريه ( عددها الآن خمسه واربعون سجنا تخصّ بالمعتقلين السياسيين – اكثر من الف فى المتوسط فى السجن الواحد – بالاضافه الى الجنائيين ) اقول ان الزنازين بأبعاد مختلفه ، تبدأ من متر فى مترين للحبس الانفرادى ( التأديب ) الى 8×11 مترا للزنازين التى يوضع فيها اربعين معتقلا ، وحيث ان اكثر فتره اعتقالى كان فى زنزانه 8,3×25,4م فسوف أقصر وصفى للحياه فى الزنزانه على هذا النوع من الزنازين .
وعاده يوضع فى هذه الزنزانه من 6-8 معتقلين  ، ولاننى من كبار السن ، ومعى مرضى وكبار سن آخرون ، فقد اكتفوا بوضع سته منا فى هذه الزنزانه ، فكيف جعلنا هذه المساحه 16م2 مكانا للعيش يشمل غرفه نوم ، وغرفه طعام ، وغرفه جلوس ، ومسجد ، وغرفه استقبال للضيوف ومطبخ ، وكل ماتتطلبه الحياه العاديه ، هذا ما سأحاول شرحه مستعينا بالرسومات التوضيحيه
حتى يتحقق العدل يحصل على فرد من السته على مكان ينام فيه عرضه 80سم وطوله 75,1م ، وتلاحظ من الرسم ان المكانين 5،6 لهما 5,1م فقط ، وفى هذه الحاله اما ان يدخل قدماها فى قدمى النائمين فى 3 ، 4 او يكونا من قصار الطول وبذلك يكون لكل فرد مساحه 80,0×75,1م اى 4,2 ليس فقط لنومه ، ولكن يحيا داخلها ، اى يجعلها غرفه مكتبه اذا نام الآخرون ، وحيث اننى كتبت خمسه كتب فى هذه السنه والنصف ، واعمل حاليا فى الكتاب السادس ، فلابد ان يتبادر الى ذهنك اننى اقوم بالكتابه من 3-5 ساعات يوميا ، وهذا صحيح ، واغلب هذه الفتره وزملائى نائمون ، فلابد ان اتحرك داخل مساحتى فقط ، والرسم المرفق يبين كيف اقوم بذلك ، فأنا اجلس على كرسى ، واضع صنوقا فارغا من الكرتون على كرسى آخر ، حتى استطيع الكتابه دون ان ينحنى ظهرى كثيرا ، وحتى لاازعج زملائى النائمون فقد خصصوا لى المكان رقم 1 ، وعلقت ملاية بينى وبين رقم 2 ، ووضعت لمبه موفره للطاقه 40 وات ، وعندما اسحب الملايه لايزعج ضوء اللمبه النائم فى رقم 2


غرفه طعام
حيث ان منا اثنين من كبار السن لايستطيعون الاكل على الارض ، فهما يستغلان المنضدى المبنيه بعرض 40سم وطول 80سم اثناء وجبات الطعام ، ثم تمسح جيدا وتستغل فى وضع المصاحف وبرطمانات الشاى والقهوه وماشبه عليها فى غير اوقات الطعام ، والباقى يفترشون الارض ، حيث يتم وضع مفرش بلاستيك فوق مكان نوم 2،3،4 لكى يأكل عليه اربعه الاخرون ، ولعل القارىء النابه يظن ان المسافه بين دوره المياه والمنضده – وهى التى فيها السخان الذى نطهى عليه او نسخن الطعام الذى يحضره اهالينا غير كافيه لجلوس من يقوم بالطهى ومرور من يريد دخول الحمام ، وظنه صحيح أثناء الطهى او تسخين الطعام يجب ان يقوم الجالس القرفصاء لطهى او تسخين الطعام ويفسح الطريق لمن يريد دخول الحمام او الخروج منه
ولكى تكون الحياه اكثر اثاره فالمياه لاتتوفر فى الصنادبير إلارُبع ساعه عند الآذان للصلوات الخمس ، ولذلك فلابد من تخزين كميات غير قليله من المياه ، لان المسئول عن تشغيل الموتور كثيرا ماينام عند آذان الفجر ، وبذلك لاتوجد مياه من آذان العشاء ( السابعه مساءً مثلا ) وحتى يستيقظ سيادته فى الثامنه او التاسعه صباحاً ، ولذلك يبين الرسم اماكن تخزين المياه ، بالاضافه الى برميل بأسفله صنبور ، اشتريناه ووجدنا صعوبه شديده وتعنت حتى سمحوا لنا بادخاله – جزاهم الله خيرا
غرفه الجلوس
فى غير اوقات الصلاه ولا العام يكون كل الفُرُش ( جمع فرشه ) هى غرفه الجلوس ، وكل منا له الحق فى الجلوس او الاضطجاع فى المساحه المخصصه له ( 80سم×75,1م ) والفرشه عباره عن بطانيتين ينام عليهما المعتقل ، وله ان يغطيها بملايه ، وله ان يطبّق بطانيه ثالثه لتكون مخده له ، فهو حر ، ألم تغم ثوره يناير 2011 ، من اجل الحريه ، فانت حر داخل الزنزانه فى ان تجلس او تضطجع ، ان تقرأ او تتأمل فى الايام ، وليس ذلك فقط فانت حر ايضا فى ان تقزقز اللب او تتحدث مع الآخرين ، والحمد لله رب العالمين على هذه الحرية
المسجد
اثناء الصلوات الخمس ، وفى ركعتى التهجد قبل صلاه الفجر يمكن ان يصلى الامام مكان رقم 5 ، ويصطف الخمسه الآخرون على الفُرس من 1 الى 4 خلفه ، لان مكان القبله كما هو مبين بالرسم ، ولاتقل لى اننا بذلك تكون دوره المياه امامنا ونحن نصلى ، فهذا هو التزمت بعينه ، وبالذات لان الزنزانه التاليه تكون دوره المياه خلف المصلين ، لان دورتى المياه ( back to back ) ، ولاتقل لى ألا اتحزلق واتباهى بمعرفتى باللغه الانجليزيه ، فليس ذلك فى نيتى ، وانما هو سوء ظنك انت
غرفه الجلوس واستقبال الضيوف
عندما يفتحون لنا الزنازين ليسنعوا لنا بالتريّض لمده ساعه أو ساعتين فى اليوم ، فإن التريض يكون فى طرقه عرضها 75,1م كما هو مبين بالرسم ، وطولها حوالى 30م ، لان كل دور مقسم الى اربعه ارباع ، كل ربع به سبعه زنازين ، يقفل عليهم باب حديدى مؤدى للسلم ، وعند التريض فالمسموح لك فقط بالخروج من ضيق الدنيا فى زنزانه مساحه 16م2 التى تعيش فيها اثنين وعشرين ساعه ، الى سعة الطرقه (50م2) ، صحيح لن فيها من 42 الى 56 شخص ، ولكن لاداعى للتذمر ، فتصفهم قد يكون نائما ، وعموما هذه هى لائحه السجون ، والحقيقه ان الجانب الآخر من الطرقه ( المقابل للجانب الذى به ابواب الزنازين ) به قضبان حديده ، ولكنها كل 15سم ولذلك فهى تسمح لك برؤيه من فى الربع المقابل ، بل وتسمح لك برؤيه السماح ، وخصوصا اذا كنت فى الدور الثالث فوق الارضى مثلنا ، ولاتقل لى كيف يتريّص بين 40 - 50 شخص فى مساحه 50م2 ؟ فهذا السؤال ينطوى على اتهام للداخليه وسجونها ، وهى التى ينشر مسئولوها صورتهم وهو يتمشون بجوار الملاعب الفسيحه التى يتريّص فيها المعتقلون ولايجب ان يتطرق الى ذهنك ان هذا تضييق ، لان هؤلاء الخمسون يلعبون ويجرون ويتريّضون فعلا فى هذه المساحه المحدوده ، انت فقط تحتاج ان تستعمل خيالك الكلان هذا .
المهم اذا شاءت مجموعه من غرفه مازياره زملائهم فى غرفه اخرى لشرب الشاى والحديث فلابأس من ذلك ، ولاتقل لى كيف يجلس 12 – 16 فرد فى المكان المخصص للنوم ؟ ( كما هو مبين بالرسم ) ، فهذا السؤال ينطو ايضا على اتهام للداخليه وللعدل ، فوق مافيه من قله الادب مع الذين يحافظون على امن البلد من اناس عمرهم 65 سنه وخدموا البلد باخلاص 34 سنه هون اى تقصير ، المهم لو كانت قدراتك العقليه التخيليه تعمل لادركت ان هذا العدد 12 – 16 لو جلسوا وظهورهم للحائط فيمكن ان يجلس اربعه على الفرش 1 ، ثم يجلس خمسه على الحائط بين الزنازتين ، ثم خمسه آخرون فوق الفرشه 5 والفرشه 6 ، مستندين الى الحوائط ايضا ، أأنت راضٍ الآن ؟ ، نعم يمكن ان يجلس اربعه عشره شخص فى هذه الغرفه براحه تامه ، ويشربون الشاى والقهوه ، التى يعملونها فى الغلايه دون ان يدفعوا مليما واحدا ً فى الكهرباء التى يستعملونها ، سواء فى الاضاءه او فى تشغيل الغلايه ، فلابد نشكر الداخلية على هذا الكرم وهذا المتع التى يتمتع بها المعتقلون
والآن قد يسأل خبيث السؤال التالى : اذا كنتم تستغلون كل سنتيمتر مربع سواء عند النوم او عند استقابل الضيوف فأين يضع كل منكم ملابسه وكتبه ، واين تحتفظون باكياس الارز والمكرونه والسكويت ، واين تضعون فوط الوجه وماشابه ، وهذا ايضا سؤال يدل على سوء الظن بمصلحه السجون وسوء الادب معها ، فأولا زودت مصلحه السجون الرحيمه كل زنزانه برف لحمل الحقائب على شكل حرف (L) فوق الفرشه 1 بعرض 30سم ، كما ان هناك رف آخر فى الحائط المقابل للحمام ، صحيح ان هذين الرفين لايكفون لخُمس الملابس والاغراض الشخصيه لعدد من 6 – 8 افراد ، وكذلك مواد البقاله والخضر وماشابه التى يحتاجونها ، ولكن مره ثالثه اين خيالك الكسول ، من حقك – نعم من حقك – ان تدق مسامير فى كل هذه الحوائط بحيث تضع فى كل مسمار صلب حقيبه اوكيس ، او تفرد دوباره بينهما حتى تعلق فوطتك او الجاكيت الذى تلبسه عند الاستيقاظ فى ليالى الشتاء القارصه هل تريد التعليق ايضا ان الشبابيك ليس لها ضلف زجاج ، وان لها فقط شبكه حديد لمنع القفز منها للخارج ، اين خيالك الكسول ، هناك افكار كثيره لسد هذه الشبابيك دون ان تمنع ضوء الشمس من الدخول ؟ ، ماهى هذه الافكار ؟ ، لن اقول لك ولابد ان تستعمل خيالك ؟ شىء عجيب هذا الكسل .
الآن بعد ان شرحت لك الامور الماديه فى الحياه داخل الزنزانه دعنى الآن اشرح لك الامور الوجدانيه ، وعلى فكره الذكاء الوجدانى اصبح من اهم انواع الذكاءات ، المهم أن الحياه تمضى داخل الزنزان على النحو التالى :
يستيقظ النائمون ساعتين قبل آذان الفجر حيث يصلون صلاه قيام الليل ، لان الله سبحانه وتعالى امر نبه عليه الصلاه والسلام فقال " ياأيها المزمل قم الليل الا قليلا ، نصفه او انقص منه قليلا ، او زد عليه ورتل القرآن ترتيلا " فهم يحاولون التأسى بنبيهم الكريم ، فيصلون صلاه القيام ( التهجد ) حيث يدعون الله ان يجعل حبستهم هذه فى ميزان حسناتهم ، تكفيرا لسيئاتهم ورفعه لدرجاتهم ، وان يتقبل الله منهم فيها الصيام والقيام والركوع والسجود وقراءه القرآن .. آمين
وبعد صلاه آخر ركعتين فى التجد معا نصلى الشفع والوتر ، ثم نصلى الفجر ، وبعده يمكن ان يشرب البعض الشاى باللبن مع البسكويت بينما يرددون اذكار الصباح ، وبعض المعتقلين يفضل البقاء مستيقظا حتى يصلى الضحى بعد الشروق بثلث الساعه حتى يحظى بأجر حجه تامه تامه تامه ، وبعضهم ينام لانه استيقظ باكرا ً
وفى الصباح التالى يستيقظ العواجيز امثالى فى الثامنه صباحا ، حيث ينتظرون ان يمن عيهم الشاويش بتشغيل الموتور حتى يستطيعون اخذ ( shower ) على الصبح ثم يجلسون لتلاوه ماتيسر من القرآن لحين استيقاظ الذين ناموا بعد الشروق فى العاشره صباحا ، وبعد الافطار معا يمكن ان تفتح ابواب الزنازين فى الحاديه عشره صباحا لمده ساعه او ساعتين ، حيث يصلون الظهر معا فى الطرقه .
انا اعرف عقلك الخبيث الذى يصر على السؤال كيف يستطسع خمسين مصلى ان يصلون فى طرقه عرضها 75,1م ؟ ، كل صف به ثلاثه مصلين ، ولكن هذا يعنى انه سيكون هناك 18 صفا ، ماهو المانع ، احد المصلين فى النتصف يبلغ حتى يسمع الباقون ، كل شىء ميّسر ولكنه عقلك الدائم الشك والشكوى من مصلح السجون التى لاتألوا جهدا فى توفير كل سبل الراحه للمعتقلين
وبعد قفل باب الزانازين يقوم زملائى فى الغرفه بقراءه بعض الكتب او تلاوه القرآن ، ويقوم المسئول عن الطعام بتسخين مايأتى فى الزياره او طهى بعض الطعام اذا لم يكن هناك زياره من الاهل فى ذلك اليوم ، وعاده مانتناول طعام الغذاء / العشاء قبيل المغرب ، ونتلو اذكار المساء اثناء اعداد الطعام
بعد تناول الطعام نصلى المغرب ثم العشاء ، وعاده ماينام العواجيزا امثالى بعد صلاه العشاء لمده ساعتين ، ثم اقوم لأمارس الكتابه حتى الواحده صباحا ، والباقون نائمون حيث استمتع بالهدوء والتركيز ، والباقون ينامون فى الحادية عشره مساءا ً ليستيقظوا قبل الفجر بساعتين او اكثر .
العجيب ان الحب يسود بينهم والرضاء يظلل لهم ، وتجدهم دائما ضاحكون مستبشرون ينتظرون الفرج ، لان انتظار الفرج عباده ، ما انهم ضاحكون فذلك لانهم يتمثلون قول الخليفه الثانى عمر بن الخطاب ( رضى الله عنه ) الذى يقول " اننى اشكر الله عند نزول البلاء على ثلاثه امور:
1-    انه لم يكن اكبر من ذلك
2-    ان الله الهمنى الصبر عليه ( وكل شىء يبدأ صغيرا ثم يكبر الا المصيبه فإنها تصغر مع الوقت )
3-    انه لم يكن فى دينى ( اللهم لاتجعل مصيبتنا فى ديننا )
ويشكون الله انه اختيارهم لهذا الابتلاء لانهم يعملون لخدمه دينه ونصره شريعته ، والا فقل لى بالله عليك ماهو مبرر اعتقال رجل عجوز فى الثالثه والستين من عمره ( من سنه ونصف ) وخدم بلده اربعه وثلاثون عاما بالتدريس فى الجامعه ، ولم يكلفها مليما للحصول على الماجستير والدكتوراه ؟ ماهو المبرر الا انه يقول لطلبته قال الله وقال الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) فى بدايه كل محاضره لمده خمس دقائق
ويعرفون ان امر المؤمن كله له خير ، فإن اصابه ضراء شكر فكان خير له وان اصابته نعماء صبر فكان خير له ، وليس ذلك الا للمؤمن ، وهو تصديق الحديث عن المصطفى ( عليه الصلاه والسلام )
وقد يسأل عقلك الميال للشك فماذا عن حبس بعض اطهر رجالات هذه الايه وبعض افضل علماؤها ؟ اليس ذلك هدرا لطاقات كثيره البلد احوج ماتكون اليها ؟ ولن ادخل فى جدل مع عقلك هذا الذى يميل الى الشك دائما ، ويميل الى اتهام مصلحه السجون بكل نقيصه ، وانما سأتناول جانبا مهما فى كلامك وهو هدر الطاقات واهدار الاوقات ، وسأبدأ تعليقى بقول للامام ابن تميمه فى ما معناه " ماذا يستطيع اعدائى ان يفعلوا بى ، ان  قتلى شهاده وحبسى خلوه ونفيى سياحه وقرآتى قى صدرى ، فماذا يستطيع اعدائى ان يفعلوا بى ؟ " حقا...
واضرب لك مثلا بى انا شخصيا ، فقد من الله على فى هذه الحبسه ان انهيت خمسه كتب وماشى فى السادس ، هذه الكتب هى :
1-      " المحنه الرابعه – دروس وعبر " وهى عن هذه المحنه التى تعرضت لها الحركه الاسلاميه فى مصر ، وهى بالنسبه لكبرى الحركات الاسلاميه تعتبر الرابعه
2-      " جدد اسرتك " وهو عباره عن سبع عادات لو تحلى بها المرء لاصبحت اسرته اهم شىء فى حياته ومصدر سعادته وجنته فى الدنيا
3-      " البديل الثالث " وهو ان اى نزاع سواء كان صغيرا بين الرجل وابنه او كبيرا بين دولتين فهو قائم على بديلين فقط ، اما طريقتى / جانبى او طريقتك / جانبك ولكن حاول الطرفان الوصول الى بديل ثالث افضل منهما لوصلوا اليه ، كيف ؟
4-      " التعليم المستنير لمراكبه عالم سريع التغيير " وهو عن مشكله التعليم فى مصر والبديل الثالث لحلها ، مع عرض لتجربه رائده لمدرسه فى الولايات المتحده درّست مبادىء القياديه للاطفال من سن خمس سنوات ونجحت نجاحا بارها
5-      ط التفكير الجيد " ادواته واساليبه ومراحله ، وكيف تكون مفكرا ً جيدا
6-      " الذكاء الوجدانى " ماهيته وكيف تستخدمه ليقودك الى النجاح فى الحياه ( ماوالت اكتب فيه )
وانا ماكتبت نبذه عن هذه الكتب الا انها مازالت لم تنشر ، لاننى اعرضها على النت لاخذ رأى اصدقائى وزملائى فيها حتى احسّنها قبل نشرها
والآن هل مازال عقلك يشكك فى ان الداخليه والآمن تريد لى – ولزملائى المعتقلين – الخير ، حيث وفرت لى كل السبل لتأليف هذه الكتب ، التى لو كنت خارج السجن لاستغرقت خمس سنوات – على الاقل – حتى اكملها
والآن الاتريد ان تنضم الينا لتنعم بما ننعم به من ملاعب ورعايه صحيه ممتازه وظروف اقامه ولافنادق حمس نجوم كما يقول اللواء محمد راتب من مصلحه السجون فى الصحف ، ان كنت من الذين يخرجون فى المظاهرات او يسيرون فى المسيرات فغالبا سنحظى بصحبتك قريبا ، فإن كل يوم يرد وارد جديد على سجن الاستقبال بطره حيث نقيم ، حماك الله وحفظك .. آمين
ملحوظه :
طالما ذكرت الرعايه الصحيه الممتازه التى توفرها لنا الداخليه ، فسأقص قصتى مع عياده الاسنان ، فانا لدى ضرس محتاج حشو ويؤلمنى ولذلك كنت آكل على الناحيه الاخرى من فمى ، فلما انفك طربوشى لأحد ضروس هذه الناحيه اسقط فى يدى ، فحاولت النزول لعياده الاسنان فقيل لى ان العنبر (أ) – الذى نقع فيه زنزانتى – موعده الاحد فقط من كل اسبوع .. وهذا ماجرى عندما نزلت يوم الاحد :
1-      اول مره نظر طبيب الاسنان الى فمى واخبرنى ان الطربوش لايمكن تثبيته رغم انه كان مثبتا فعلا ، ولكنه نظر الى شذار عندما قلت له ذلك ، فقلت هل يمكننى ان احشوا الضرس فى الناحيه الاخرى فقال لى انه كان يجب ان اسجل اسمى يوم السبت حتى يتفضل بعلاجى يوم الاحد ، ولذلك امرنى ان افعل ذلك الاسبوع المقبل
2-      سجلت اسمى يوم السبت ونزلت بعد ان فتحوا باب الربع ونحن نصلى صلاه الظهر ، فعندما قلت له ماحدث فى الاسبوع الفائت قال لى لااستطيع حشو ضرسك الساعه الواحده لاننى لابد ان اعقم الادوات التى سأستخدمها ، تعادل يوم الاحد القادم مبكرا ً قبل الحاديه عشره صباحا ، كأننى امتلك مفتاح باب الربع
3-      نزلت يوم الاحد التالى فى الحاديه عشره صباحا ودخلت لطبيب الاسنان فقال لى ان سرنجات البنج نفدت وانهم طلبوا من المصلحه سرنجات جديده وأمرنى ان اعاود النزول يوم الاحد القادم
4-      نزلت الاحد التالى فى الحاديه عشره صباحا – لحسن الحظ – فلم اجد احدا ً فى عياده الاسنان رغم وجود طبيبين وفنى فيها ، وانتظرت حتى الواحد بعد الظهر فلم يظهر احد
5-      اشتكيت للضابط المسئول عن العنبر انهم يقولون انزل يوم الاحد فلما نزلت لم أجد احد ، فتعطف وقال لى انزل غدا وانا ادخلك لطبيب الاسنان
6-      نزلت غدا وذهب بى لطبيب الاسنان وسألته ان كانت السرنجات وصلت فأجاب بالايجاب فلما استبشرت طلب منى اعود اليه الاحد القادم لان هناك ادوات ناقصه
7-      انا الآن فى انتظار النزول اليه يوم الاحد القادم ، واتوقع ان انزل فلا اجد احدا ً ، لان احساس قوى ان هؤلاء الاطباء يأتون السجن تسديد خانه ولايريدون القيام بعلاج اى من المساجين ، وفى غيبه الرقابه عليهم فهم يجلسون فى الاستراحه او فى الصيدليه هربا من عياداتهم ، وهذا ينطبق على عياده الرمد وباقى العيادات واللواء محمد راتب ظهر له تصريح فى المصرى اليوم ان الرعايه الصحيه فى السجون على اعلى مستوى ، وانا احاول من شهر ونصف ان احشو درسا فلا أستطيع ، فماذا لو كان ماعندى لايحتمل انتظار 24 ساعه .. انما اشكى همى وتجاهلى الى الله



                                                                                    ا.د. شريف ابو المجد
                                                                                    ديسمبر 2014
                                                                                     سجن استقبال طره
                                                                                     عنبر (أ)  غرفه 15/4