Tuesday, January 13, 2015

الاستقطاب المجتمعى الحاد .. وكيف يسترد المجتمع عافيته ؟

اولا : تعريف الاستقطاب
فى علم الكهرباء يقولون لنا ان هناك قطبين : موجب وسالب ، احدهما عكس الآخر او نقيضه ، وفى المجتمع قد نجد مجموعه ممن يسمون الاسلاميين او اصحاب الاتجاه الاسلامى ، وهم من يريدون ان يطبقوا شرع الله ، ويسوموا الدنيا بالدين وهناك مجموعه اخرى ممن يسمون الليبراليين او العلمانيين او اصحاب اتجاه فصل الدين عن السياسه ، ويعتبرون ان الدين علاقه بين المرء وربه ، ولكن لايوافقون على دخول الدين فى السياسه وفى الاعلام وفى الاقتصاد
اصحاب الاتجاه الاول يقولون ان الاسلام نظام شامل ينتظم شئون الحياه جميعا ، وقد كان الرسول الكريم (ص) نبيا مرسلا وفى نفس الوقت اقام دوله الاسلام فى المدينه المنوره وهى التى اتسعت فى عهد الخلفاء الراشين ومن بعدهم الدوله الاميه والدوله العباسيه لتشمل نصف الكون ، فهل كلن حكام المسلمين يحكمون الناس بالاسلام ام لا ؟ ، اصحاب الاتجاه الثانى يقولون ان الدنيا اختلفت كثيرا عن هذه الايام ، واصبح العالم قريه صغيره ، ويضربون مثلا بالاقتصاد حيث لابد ان تتعامل البنوك فى دول العالم الاسلامى مع باقى البنوك فى العالم ، الذى بُنى اقتصاده على الفائده ، وهناك آراء ان فوائده البنوك ليست ربا
ولكن المشكله زادت مع انتخاب رئيس من اصحاب الاتجاه الاسلامى ، ومن اكبر جماعات الحركه الاسلاميه ، فنشط اعلام الاتجاه الثانى لتخويف الناس من تطبيق الاسلام ، والتضييق على الحريات ، وبالذات حريه التعبير ، ثم بعد الانقلاب على هذا الرئيس المنتخب اصبحت شيطنه الاتجاه الاول هى الشغل الشاغل للاعلام ، واصدر القضاء احكاما جائره ، فزاد عدد الناس الذين يخافون من تطبيق الاسلام ، وفى نفس الوقت زاد اصرار اصحاب الاتجاه الاسلامى على تطبيقه ، ومن ثم حدث الاستقطاب الحاد فى المجتمع
ثانيا : مظاهره فى المجتمع
فى المجال العام ينتهز وزير الثقافه كل مناسبه للهجوم على الازهر بدعوى ان الازهر الشريف يقيد حريه الابداع ، مع ان الحريه مقيده ، مقيده باعراف المجتمع ودينه وقيمه ، وفى المجال الشخصى تجد المناقشات فى كل بيت عن كيفيه تطبيق الاسلام ، وهل تمنع الدوله محطات التلفزيون التى كلها رقص وغناء ، وهل تسمح بعرض افلام ’ كحلاوه روح ‘ ام نمنعه حايه للنشء ، واهميه الحريه الشخصيه واين هى حدودها ، لان حريتك لايجب ان تعنى ان افقد انا بعضا من حريتى ، ولان الله ذم من يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض ، والمناقشات فى اماكن العمل وعلى المقاهى وفى النوادى كلها مظاهر لهذا الاستقطاب
ثالثا : من المسئول عن هذا الاستقطاب
لاشك ان الاعلام مسئول اساسا عن وصول المجتمع الى هذه الدرجه من الاستقطاب والله سبحانه وتعالى نهى عن عدم العدل عند كراهيه الآخر ، فقال تعالى " ولايجرمنكم شنآن قوم على أن لاتعدلوا ، اعدلوا هو اقرب للتقوى .. " ( المائده :     ) ، ولكن الطرف الثانى لم يألوا جهدا فى شيطنه الطرف الاول ، لانه احس انه يكسب كل الاستفتاءات والانتخابات ، وكانت الطامه الكبرى – بالنسبه لهم – ان احد اصحاب الاتجاه الاسلامى اصبح رئيسا لمصر .
ولكن فى المقابل نجد ان بعض التصرفات والاقوال غير المسئوله ساعدت على تخويف الناس من بعض اصحاب الاتجاه الاسلامى وتشددهم ، واصبح الكلام عن حرمه الموسيقى ، وعدم جواز الاختلاط فى المدارس والجامعات ، وضرره اشراف الدوله اشرافا كاملا على الاعلام لمنع نشر الفاحشه ، بل وزاد الامر بحيث اصبح الكلام على ان النقاب فريضه على النساء ، والكلام عن فرض الجزيه على غير المسلمين ( الاقباط ) ، ولاشك ان هذا الكلام غير المسئول زاد فى الاستقطاب
رابعا : مقترحات للخروج منهذه الحاله كى يستعيد المجتمع عافيته
يقول الله تعالى : " يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعاونوا ، ان اكرمكم عند الله اتقاكم ، ان الله عليم خبير " ( الحجرات : 13 ) ، فإذا كان هذا هو الغرض من خلق الناس فما بال ابناء الوطن الواحد لايطبق بعضهم البعض ، ولايستطيه الكلام معه بِله التفاهم والتعاون معه ، ووصل امر التباعد بين الطرفين فى الصراع الدائر حاليا ان الطرف الذى استولى على السلطه اعتقل ممثل الطرف الاول الذى كان مكلفا بالتفاهم والتفاوض مع الطرف الثانى ، وبذلك اغلق الطرف الثانى باب المحل السياسى ، والمعضله المصريه الحاليه ليس لها حل إلا حلا ً سياسيا ، فكيف الخروج من المعضله الحاليه ؟
ان الاجابه على هذا السؤال هى مفتاح خروج مصر من النفق لاالمظلم الذى دخلت فيه ، ولابد من الوصول الى هذه الاجابه بسرعه ، لان حاله عدم الاستقرار الحاليه تعنى استمرار ضعف الانتاج وزيادة الديون وتراكم الفاقه ، مما ينذر بأوخم العواقب ، وانا ازعم ان المؤتمر الاقتصادى الذى سيعقد فى مارس المقبل لن يكون له تأثير كبير على الاستثمار فى مصر لسببين اساسيين :
الاول : والاهم هو مناخ عدم الاستقرار الحالى ، وهو مناخ لايشجع المستثمر ان يأتى بأمواله واستثماراته الى بلدنا
الثانى : هو تخفيض اسعار البترول الى 60% من قيمتها من فتره ليست بعيده ، مما سيؤثر كثيرا على قدره السعوديه والخليج على الاستثمار ، وذلك متزامن مع بدء مرحله من الكساد الاقتصادى العالمى ، مماثله للكساد سنه 2008 ، ولذلك ستقل التجاره العالميه ، وقد بادرت هيئه قناه السويس بتخفيض رسوم المرور فى القناه نتيجه انخفاض اسعار البترول ، وغالبا ستقل عدد السفن عام 2015 عن عام 2014 حتى بعد هذا التخفيض فكيف سيزيد ايراد القناه من 3,5 مليار دولار الى 13 مليار كما يقول مميش ، اتمنى ان يتوقف الحكام عن خداع الناس ، ان الاربعه وستون مليار من الجنيهات التى صرفت وستصرف على عمل تفريعه لقناه السويس لن تؤدى لزياده دخل القناه ، وانما اعتقد ان العكس هو الذى سيحدث ، عموما ستثبت الايام انه كان الاولى صرف هذه المليارات الستين على مشروعات اكثر جدوى ، ولاحول ولاقوه الا بالله
1.      امانه الكلمه
نهى الله سبحانه وتعالى المؤمنين ان يخسر بعضهم من بعض اويلمز بعضهم بعضا او ان يمشون بالنميمه او الغيبه ، فقال تعالى " يا ايها الذين أمنوا لايسخر قوم من قوم عسى ان يكونوا خيرا منهم ، ولانساء من نساء عسى يكن خيرا منهن ، ولاتلمزوا انفسكم ، ولاتنابزوا بالالقاب ، بئس الاسم الفسوق بعد الايمان ، ومن لم يتب فاؤلئك هم الظالمون * يا ايها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن ان بعض الظن إثم ، ولا تجسسوا ولايغتب بعضكم بعض ، أيحب أحدكم ان يأكل لحم اخيه ميتا فكرهتموه ، واتقوا الله ان الله تواب رحيم " ( الحجرات : 11،12 )
والسؤال هنا هو لماذا نهى الله عن كل ذلك ؟ لان هذا هو الذى يجعل البغضاء تتفشى بين الناس ، ولذلك فالكلمه امانه ، اما ان يتنافس المسئولون والاعلاميون فى شيطنه اصحاب الاتجاه الاول الذى حدث الانقلاب على رئيسهم ، ويلصقون بهم كل نقيصه ، دون ان يكون لديهم اى وسيله للرد ، او اى منبر اعلامى لتوضيح موقفهم فليس من الشهامة فى شىء ، وقد وصف شاعرنا العظيم احمد شوقى فى مسرحيته الرائعه مصرع كليو باترا فى بيت من الشعر :
 ... وانطلق الزور عليه  باله من ببغاء عقله فى اذنيه
والحقيقه ان الشعب – او اغلبه – تلفت هذا الكلام غير المسئول وظل يردده دون تفكير ، حتى كره الجار جاره والصديق صديقه ، وصارت مشاحنات ومشاجرات داخل العائلات ، واذا سألت احدهم اتصدق ذلك على جارك الذى اعتقلوه ، وقد عاشرته سنين طويله فلم تجد منه الاحسن الجوار وطيب الاخلاق ، والاحسان الذى امر به رسول الله ، إذ يقول (ص) : مازال جبريل يوصينى بالجار حتى ظننت انه سيورّثه " وقد حث على حسن الجوار الرسول الكريم (ص) فى العديد من الاحاديث ، ومنها : " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ... من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره " ، فإذا قلت له أتُصدق ذلك على جارك وقد عاشرته سنين طويله يقول لك : نعم ولم لا ؟ ، وعندما تجد فى المعتقلات اساتذه جامعات فى الخامسه والستين متهمون بترويج المواطنين والعنف والتدمير ، وتسأل زملائهم لقد عاش بينكم مدرسا ً فأستاذا ً لمده ثلث قرن ، فلم تروا منه الاكل خير وكل حب لزملائه وتلاميذه وبلده ، حتى انه لم يطلب من قسمه الموافقه على ان ينتدب خارج مصر للتدريس فى دول النفط يوما واحدا طوال هذه المده ، فكيف ينقلب الى شخص يروّع المواطنين ويدعو الى العنف والتدمير ، لاتجد لديهم ولا لدى الامن الوطنى دليلا واحدا ً اوشبه دليل
وامانه الكلمه تقتضى التثبت والتبين قبل ان نرمى الناس بكل نقيصه ، اذ يقول الله تعالى " يا ايها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ان تصيبوا قوما بجهاله فتصبحوا على مافعلتم نادمين " ( الحجرات : 6 ) ، ولكن اللدد والفجر فى الخصومه ، وهى التى نهى رسولنا الكريم (ص) عنها ، وجعلها من صفات المنافقين ، اذ قال (ص) " اربع من كن فيه كان منافقا خالصا ، ومن كانت فيه خصله منهن كان فيه خصله من النفاق حتى يدعها ، اذا إؤتمن خان ، واذا حدّث كذب واذا عاهد غدر واذا خاصم فجر "
2.      سوء الظن
كلا الطرفان الاساسيان فى الصراع وصلا الآن الى حاله سوء ظن كامله بالطرف الآخر ، فالطرف الاول (الاسلامى) تجد اغلبه يرفض فكرة التفاوض او التفاهم مع الطرف الثانى (العسكر) ، واذا سألته عن السبب يقول لك ومالفائده من التفاوض ؟ ، ماهو الضمان الذى يضمن ان اى اتفاق سنصل اليه بالتفاوض لن ينقلبوا عليه متى شاءوا كما انقلبوا على الرئيس المنتخب ، وهذا منتهى سوء الظن ، والطرف الثانى لايثق فى الطرف الاول ، ويتصور انهم ان تمكنوا من الحكم مره ثانيه فسيعلمون فيهم قتلا وسجنا على اساس انهم قتلوا الآلف من المعتصمين السلميين ، وهم لايوافقون على انهم كانوا سلميين ، ويقولون لك اننا كنا نؤدى واجبنا نحو وطننا ، ونحميه من فئه كانت تريد الاستيلاء عليه ، رغم ان هذه الفئه لم تأت الى السلطه الا عبر صندوق الانتخاب ، ويقولون لك ان الجيش ليست مهمته فقط حرب العدو الخارجى وانما كذلك حرب الارهاب ، فإذا سألتهم ومن الذى يحدد من الارهابى ومن هو المسالم ؟ ومن هو الخائن ومن الذى يدافع عن بلده ويرجو لها الخير ؟ تجد آراءً عجيبه
فهل وزير الدفاع الذى قاد انقلابا على رئيس شرعى منتخب انتخابا نزيها بعد سنه واحده خائن ، يقولون لا ... لانه كان يعبر عن رأى وينفذ مشيئه الناس ، فهل الهجوم على نصف مليون معتصم فى رابعه بالطائرات والدبابات والمدرعات ، وقتل مايزيد على اربعه الاف واصابه مثليهم فى يوم واحد – وذلك رغم وجود اثنى عشره بندقيه فقط حسب تصريح وزير الداخليه الحالى – إفراط فى استخدام القوه يجب محاكمة منفذوه والقصاص منهم ؟ يقولون لا ... بل هم ابطال انقذوا الوطن من فئه كانت تريد اختطافه ، فإذا سألت : وهل الحكم على الضابط اسامه الذى كان مسئولا عن عربه عادل ؟ وهل تم التآثير على القاضى كما اثبتت التسريبات الاخيره ؟ يقولون نعم .. انه عنوان الحقيقه ، ولايجب ان تتحدث بسوء عن قضاء مصر الشامخ !!
3.      تثمين الاختلاف
يقول معظم العاقلون اننا اصبحنا شعبا لايعرف كيف يختلف احدنا مع الآخر دون ان يخّونه او يكفّره او يحمل فى وجهه السلاح ، يجب ان نتعلم كيف نختلف ، والحقيقه ان المطلوب اكثر من تعلم كيف نختلف ، المطلوب ان نثمّن هذا الاختلاف ، فالانسان العاقل يسعى لمن هو مختلف معه فى الرآى علّه يجد لديه دليل ليس لديه ، اولعل فى رأيه نقاط يحسّن بها اقتراحه او رآيه ، أو لعله لديه خبره ليست متوفره له .
فأنت تحتاج الى مخالفيك فى الرأى ، وقد علمتنا السيره كيف ان الاستماع الى الرأى الآخر لم يكن فقط ديدن الرسول الكريم (ص) وصحابته الاجلاء رضى الله عنهم ، ولكنه ايضا أدى الى افضل النتائج ، فالرسول الكريم (ص) – الذى يوحى اليه – عندما امر جيش المسلمين ان يقيموا المعسكر فى مكان معين قبل موقعه بدر ، أتى اليه احد الصحابه وسأله إن كان هذا المكان امر من الله سبحانه وتعالى ام هل الرأى والحرب والمكيده ، فلما قال له الرسول (ص) انها الثانيه قال مباشره وبشجاعه : فهذا ليس بمنزل ، فلم يغضب الرسول (ص) ، وسأله عن مايقترحه ، فأجابه الصحابى انه يقترح ان ينزلوا عند ماء بدر فيشربون ولايشرب عدوهم ، فاستحسن الرسول (ص) رأيه وغيّر مكان المعسكر دون مكابرة ولا انتصار للرأى ، وعندما طلب عمر بن الخطاب من الناس ان يغالوا فى المهور ، واوشك ان يصدر أمرا ً بذلك قامت امرأه وقرأت قول الله تعالى " وإن اردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا ً فلاتأخذوا منه شيئا ، أتاخذونه بهتانا وانما مبينا " ، هنا قال عمر : اصابت امرأه واخطأ عمر ، والامثله فى السيره لسماح الرأى المخالف كثيره
ولابد ان نعلم اولادنل ادب الاختلاف ونحاول الالتزام به ، ونتعلم ان الاختلاف فى الرأى لايفسد للود قضيه ، وان الهدف هو الوصول للصواب ، ولس الهدف هو الانتصار للرأى ، وذلك كما قال الامام الشافعى رحمه الله " رأيى صواب يحتمل الخطأ ورأى غيرى خطأ يحتمل الصواب " ، فإذا وجد عنده دليلا أقوى من دليله غير رأيه وغير فتواه .
4.      التعاون
لايمكن ان ينهض بلدنا المسكين من الهوة التى سقط فيها إلا بتعاون الطرفان على ان يعملا على نهوضه ، وذلك والله تعالى يأمرنا فيقول " وتعاونوا على البر والتقوى ولاتعاونوا على الاثم والعدوان ط ، ومؤسس كبرى الحركات الاسلاميه فى مصر يوصى اخوانه فيقول " نعمل فى ما اتفقنا فيه ويعذر بعضنا بعضا فى ما اختلفنا فيه " ، فلماذا لايستطيع الطرفان ان يتعاونا ؟ ، بسبب سوء الظن اولا ، ثم بسبب تعارض المصالح ثانيا ، ولكن لو أعلى الطرفان مصلحه الوطن على مصالحهما الضيقه ، ولو علما ان استمرار هذا الاستقطاب وعدم الاستقرار سيؤدى الى ثوره جياع لاتبقى ولاتذر ، ولوعلمنا انه لاسبيل لحل الازمه الحاليه الا بالتفاوض للوصل الى حل ، ثم التعاون لانجاحه لأمكن الخروج من المأزق ، اما اذا تصلّب كل طرف فى الدفاع عن وجهه نظره ، ورأى ان رأيه هو الحق الذى لايأتيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه ... فلا حل .
5.      البديل الثالث
وهناك بديل ثالث لموقف الطرفين الاساسيين فى هذا النزاع ، وهو بديل أفضل من أى منهما ، وهذا البديل يمكن الوصول اليه اذا سأل احد الطرفين الطرف الآخر السؤال التالى " هل لديك مانع من ان نحاول الوصول الى وجهه نظر افضل مما لدى او مما لديك ؟ من غير ان تغير مبادئك او اغير أنا مبادئى ؟ وكان يعنى مايقول بصدق وكان رد الطرف الثانى : " لامانع من المحاوله ، ولكنى لن أغير مبادئى " عندئذ يكون التآزر للوصول الى البديل الثالث قد بدأ
ولكن لكى ينجح الطرفان فى التآزر ، وهو المؤدى الى الوصول للبديل الثالث ، فلابد من تغير كبير فى الاطر العقليه التى تحكم كل منهما ، واول اطار عقلى ينبغى ان يصل اليه الطرفان هو اطار انا ارى نفسى ، وهذا يعنى ان يرى كل انسان نفسه بوضوح ، اى يرى تأثير بيئته وثقافته او اسرته وجماعته على تفكيره ووجهه نظره ، لانه كما قال رسولنا الكريم : " مامن مولود الا يولد على الفطره ، فأبواه يهودانه او ينصرانه او يمسجانه " فتأثير عائلتك او قبيلتك او جماعتك عليك تأثيرها هائل ، ولن تستطيع التآزر مع الآخر الا اذا تمكنت من رؤيه تعصبك لعائلتك او لرأى جماعتك ، وإلا إذا نجحت فى الخروج من عباءة جماعتك العسكريه او الاسلاميه والنظر بموضوعيه الى الوضع الحالى ، وان تستطيع ان تفكر باستقلاليه فيما فيه مصلحتك ومصلحه بلدك
والاطار الثانى هو انا اراك بوضوح ، وهو يعنى ان كل طرف يرى ويفهم وجهه نظر الآخر بوضوح ، ودون ان تنمّطه او يصنّفه ، لدرجة انه يستطيع عرض وجهةالنظر الاخرى بطريقه ترضى صاحبها ، ولايحصل ذلك الا بالاتماع بتعاطف وقلب مفتوح للطرف الآخر ، ومعرفة كل الخلفيات التى تؤدى الى وجهه النظر الاخرى ، ان لايسمع عنه ولكن يسمع منه ولايحكم احكاما مسبقه ، وانما يستمع للآخر الى ان يحس هذا الآخر انه اصبح مفهوما ، ثم يقيم وجهه نظره بموضوعيه ، وليس من زاويه الشخصيه الضيقه ، ويحاول ابعاد سوء الظن تماما
والاطار العقلى الثالث – وهو أهمها – هو إطار انا اسع اليك ، لانك مختلف معى او لانك مختلف عنى فالمرء اذا سعى الى احد افراد جماعته فلن يزيده الكلام معه علما ، لأن كليهما قرأ على فقى واحد ، اما السعى الى الآخر المختلف فهو الذى يثرى التفكير ويزيد المعلومات ، والناس سيظلون أبدا ً مختلفون كما قال تعالى فى سوره هود " ولوشاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ، ولايزالون مختلفين ، الا من رحم ربك ، ولذلك خلقهم ... " ، اى انه سبحانه وتعالى خلقهم ليظلوا مختلفين ، ولولا اختلاف الناس – كما يقول التجار – لبارت السلع ، ولبارات البنات الذين يطلبون نكاحا
وطالما الناس سيظلون مختلفين فالحصيف هو الذى يسعى للمختلف عنه او المختلف معه ليتعرف على مالديه من وجهه نظر او معلومات ويستفيد منه ولو تحلى الطرفان بهذه الاطر الثلاثه حقيقه سيصلون حتما الى الاطار العقلى الرابع انا اتأزر معك ، اى اتكامل معك واتكاتف معك للوصول الى البديل الثالث ، فما هو هذا البديل ؟ هو هذا الذى سينتج من التآزر والتكاتف بصدق بين الطرفين ، وغالبا سيكون هو التنميه ، اى ان يتفق الطرفان على نبذ الخلافات جانبا لمدة عشر سنوات وتكاتفان فى دفع التنميه الى الامام ، حتى يتضاعف الناتج القومى المحلى ودخول الناس اربعه اضعاف فى عشر سنوات ، وهذذه ليست احلام فقد حققتها الصين وتركيا فعلا
فهل نأمل ان يصل الطرفان الى هذا الفقه قبل فوات الاوان ؟ نأمل هذا ، ونأمل ان يتحلى الطرفان اثناء التفاوض بحكمه الرسول الكريم (ص) اثناء صلح الحديبيه ، حيث تغاضى عن امور كان يراها عمر بن الخطاب امورا ً جسيمه ليصل الى هدف الاستقرار – الذى سيخدم دعوته اساسا – لمده عشر سنوات ، ولذلك سمّى الله سبحانه وتعالى هذا الصلح – رغم مافيه من تنازلات قاسية – فتحا مبينا ، فهل نأمل ان نصل الى عشر سنوات دون انقلابات او مظاهرات فئويه او مسيرات يوميه ؟ نأمل هذا .
وليس معنى كل ماقلناه غض الطرف عن القصاص .. أبدا ً ، فكما قال الله سبحانه وتعالى " ولكم فى القصاص حياه يا أولى الالباب " ، لابد من القصاص من خلال محاكمات عادله لكل شارك فى قتل او تدمير او تخريب من الطرفين ومن غيرهما ، ولابد من دفع دية القتلى والمصابين وتعويض المعتقلين عن سنوات اعتقالهم بدون حكم محكمه ، او بحكم جائز ينفذ الاوامر ( كما آظهرت التسريبات الاخيره ) ، لابد من تعويضهم عن فقد وظائفهم وبهدله ذويهم عند زيارتهم فى اقسام الشرطه والسجون
ولابد من محاربه الفساد محاربه لاهوادة فيها فلايمكن ان تؤتى التنميه ثمارها للفقراء والطبقه الوسطى طالما وُجِد مفسدون ينهبونها اولا باول ، ولابد من تفعيل قانون من اين لك هذا ؟ كل كل موظف او ضابط ، ولابد ان يدفع حيتان رجال الاعمال ضرائب مكاسبهم كاملة غير منقوصه ، ولنا فى مافعلته الصين عظة وعبره
نسأل الله تعالى ان نستطيع الخروج من حاله الاستقطاب الحاد هذه سريعا ، والا فالبديل هو الفوضى الشامله لاقدر الله ، ونسأل الله تعالى لمصرنا كل استقرار وتقدم وازدهار ، وان يشفى الله صدور قوم مؤمنين ... آمين

5 comments: